مثَّل مؤلَّف (رحلة العمر) باكورة إصدارات سلسلة كتاب (الأردن الجديد) الذي يسلِّط فيه المؤلف الطبيب والمعارض السياسي الأردني الراحل الدكتور عبد الرحمن شقير الضوء على سيرته النضالية التي تصاحبت مع مفصلية زمنية مثلت الأردن على نحوه الراهن عليه، حيث تجسَّدت سيرة شقير، في المشاركة السياسية الفاعلة في كثير من المناسبات الوطنية، خاصة أربعينيات وخمسينيات القرن الفائت.
وتنقَّل شقير بين فلسطين والأردن وسوريا، إلى روسيا وعدد من العواصم العالمية، وخبر شقير تجربة المعتقل في (الجفر)، نظرًا لآرائه اللاذعة، ومُنع من الترشح لانتخابات عام 1956م، وواجه ضغوطًا منعته من التمتع بالحياة البرلمانية، على الرغم من انتخابه لها، نتيجة تدخلات السلطات للحيلولة دون فوزه بالانتخابات البرلمانية.
وقد أسهم شقير في إلهاب مشاعر الجماهير الأردنية، في تلك الحقبة، عبر خطبه الحماسية في ساحة الجامع الحسيني وسط عمان، في حين سخَّر عيادته الطبية التي كانت في شارع طلال، والمطلة على الجامع ذاته، من أجل إذكاء الوعي السياسي، لما كانت تشهده الساحة الوطنية حينها من أحداث تاريخية، في خضم الأطماع الاستعمارية، والانتداب الأجنبي الذي كانت الأردن خاضعة تحت نيره وقتها.
وفي عام 1957م، ومع فرض السلطات الأردنية الأحكام العرفية، كان شقير من ضمن كثير من القوميين والشيوعيين الذين فروا إلى سوريا، بعد حل الملك الحسين بن طلال حينها حكومة سليمان النابلسي، في أعقاب المد القومي الذي أسفر عنه العدوان الثلاثي على مصر، وتأميم قناة السويس.
وقد قدَّم الأستاذ هاني حوراني للمذكرات عام 1991م التي عمل على صوغها على شكل مؤلَّف مُتاح للقراء، نجلة شقير المهندسة عبلة عبد الرحمن شقير، وأعادت وزارة الثقافة الأردنية نشره عام 2020م.
وروت المهندسة عبلة قصة بدئها في تأليف المذكرات الشخصية لوالدها، حيث بدأت ذلك العام 1980م، عندما زارها الوالد في الكويت، ثم واصلت ذالك لاحقًا لعدد من السنوات.
وجسَّدت مذكرات شقير حقيقة مؤداها الوحدة العربية وهي ليست شعارات، بل هي حقيقة يؤيدها التاريخ القريب. فشقير وُلد في سوريا، ومع الاحتلال الأجنبي للبلاد انتقل إلى الأردن، ونتيجة معارضته السلطات هناك، بدأ رحلة النفي بين سوريا والعراق ثم روسيا - الاتحاد السوفييتي.
واستعرض شقير ذكرياته التي حملها على مر سنيِّ حياته التي انتهت بدايات القرن الراهن (21)، وسجل شهادته على العصر الذي شهد حربي 1967 و1973 بين العرب وإسرائيل.
ومثلت المذكرات في النهاية ثروة ملأى بالحقائق التاريخية والذكريات التي صنعت الواقع في المنطقة العربية التي ما زالت تلقي بظلالها على المشهد العام في المنطقة حتى الآن.
(الذنيبات نيوز)